الأحد، 8 سبتمبر 2013

عن الغوص فى الاعماق....

 حسناً.............
كان ساراماجو يقول فى "الآخر مثلى" (( ان العيش وحيداً بالنسبة الى الامزجة الكئيبة ، الهشة عموماً ، وقليلة الليونة ، عقاب شديد القسوة )) ...
الوحدة عموماً تؤذى اى كائن بشرى او غير بشرى يتسق مع الطبيعة التى خلقها الله ....ولكن ماذا عن هذه الامزجة بنت الكلب التى تضعك فى ورطة .....ماذا عن هذه الامزجة التى لا تقبل العيش فى هدوء....غذاؤها العكننة والعياذ بالله ....وشرابها الاسئلة الوجودية التى لا اجابة لها....الوحدة هى جزء أساسى فى تركيبها وليس شىء عارض او اجبارى بل هى تصطنعه اصطناعاً....تخلقه وتعيش فيه معذبة نفسها....
علاوة على ذلك ان تمتلك مزاج هش واكتئابى ...دون أن تمتلك عمق حقيقى يمكنك من فهم نفسك او العالم من حولك هى مأساة....ان تمتلك مزاج هش واكتئابى مع اسئلة كثيرة ...دون معرفة دون علم ...وانت بهذا الجهل...دون عمق لتغوص فيه....يشبه التيه فى الصحارى القاحلة....يشبه التعلق بين السماء والارض فى طبقة جوية مليئة بالتقلبات والاعاصير....لا تمتلك بوصلة ...ولا تمتلك اجابة...ولا حتى تستطيع فهم نفسك ....
واستوحى هنا من الرفيق العظيم فى مدونة ارصفة هذه الجملة فى حديثه ايضاً عن ساراماجو (يجب أن تكتشف نفسك أولاً قبل أن تقدم للآخرين ما تعتقد بأنه رؤيتك الشخصية.)....
هنا يكمن جزء عظيم من المشكلة ....تظن كثيراً أنك اكتشفت نفسك أخيراً وعالجت عقدك النفسية والوجودية ...ثم تكتشف انك كنت مخطئاً....اشياء كثيرة تتغير فيك بمرور السنين....الا أن هذه الالغاز تظل عالقة بداخلك تنتظر الحل....هذه العقد تظل كامنة بداخلك تضربك بين الحين والآخر.....لا تكون انساناً جديداً أبداً مهما حاولت او مهما ظننت أنك أصبحت....تولد بمخاوف وامراض وتظل معك حتى تموت كل ما يحدث أنك تتأقلم معها بمرور الوقت كما تقول ريتا خورى فى "اسرار صغيرة "....
وتحكى ريتا خورى عن تجربتها مع المحلل النفسى فى "اسرار صغيرة " بقولها ((
“نعرف القشور عن أنفسنا ودون الغوص العميق والمؤلم يبقى الانسان أشد أعداء نفسه ضراوة لأنه يجهلها تماما”))....
حقاً....أنا أشد أعداء نفسى ضراوة....ومخلصها فى ذات الوقت....هل حقاً أصنع تقدم للامام أم أننى لا اراوح مكانى....أتقدم تاركاً الكثير من الامور العالقة دون حل....فالبفعل انا أجهل نفسى كما يبدو فى كثير من الامور ....ولكن .."الجلوس مع محلل نفسى للغوص فى الاعماق " !! ....يبدو ذلك شىء بعيد المنال ....
تبدو أحياناً التعقيدات وسلسلة الاكتئاب الممتدة بلا حل .... وتبدو فى احيان أخرى فى حاجة فقط لجلسة ثرثرة تافهة على مقهى...او جلسة هادئة على شاطىء....وقليل من الجنون والنشاط....مسكنات تخرج هذه الطاقة الشيطانية الهائلة لكنها لا تجيب على الاسئلة...تسكنك لكنها تتركك فريسة لنفسك ثانية حالما تغيب لفترة...خصوصا انك لا تستطيع ايجادها دائما...بطباعك الغريبة...ومع ذلك ما زلت فى حاجة ماسة اليها....



#عن الاستيحاء_ساراماجو_ريتا خورى_ارصفة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق