الأربعاء، 20 يناير 2016

back again...مرت سنة !

         اشعر بالندم على الانقطاع عن الكتابة كل هذه الفترة ...اشعر وكأننى قد انقطعت عن زيارتى طبيبى النفسى لفترة طويلة...

اذا كان هناك ما يصيبنى بشكل مرضى اعجز عن اصلاحه حقا ...فهو فقدان القدرة على المثابرة....هذه الاحساس بالشلل رغم انك تريد فعل الشىء بكل جوارحك...لكن عقلك يسحبك بعيدا كطفل يجر دميته وراءه على الأرض.....يذهب بك الى غرفة خالية من كل شىء ...يقيدك بأربطة ....ينظر الى عينيك مباشرة ....ويبدأ بتسديد اللكمات اليك...أو الأسوأ يتركك ويختفى.....فتحاول الهاء نفسك بأشياء كثيرة.....لكى تهدأ الم العجز وعدم الانجاز بداخلك....
     
   الانسان أكبر عدو لنفسه حقاً....كل الاشياء والمواقف المخزية تتداعى الى عقلى الآن وكأنها أخيرا وجدت المخرج...الخجل المرضى من التواصل مع البشر....الانسداد المزمن فى قنوات التواصل و التعبير عن الذات........هذا الملل ..آه ..هذا الملل اللانهائى وعدم الاحساس بجدوى أى شىء وكأن مخلوق أسطورى قد انتزع من روحك الرغبة فى الحياة الى الأبد...الرغبة فى الوجود ذاتها...وكل صباح جديد لك هو مسعى فى البحث عن شىء يلهيك عن هذا الصوت الداخلى الذى يهمس باستمرار "لا جدوى" ....أى ضوضاء خارجية تسكت أفكارك أو تشوشها....استطيع أن أقسم أن كل شىء أفعله فى حياتى كل يوم هو هذا الهروب الدائم من نفسى ... اختلاق الأحاديث التافهة والعادية رغم كرهك لها مع أى أحد و كل أحد ...السخرية من كل شىء يحدث أمامك والقاء النكات....التوق الى ألا تكون وحيدا ...الى أن لا تترك بمفردك فى غرفة أبدا ....عدم الرغبة فى أن تقوم بأى نشاط وأنت بمفردك على الاطلاق ...هذا الخوف المرضى من أن تكون برفقة نفسك حتى لا يفترسك عقلك....هذا يجلب الى مقلتى المحتقنتين الدموع ...هذه الفكرة ذاتها...انه عذاب لا تستطيع شرحه الى أحد ولا تستطيع فهمه ....حتى الرغبة الملحة بأن تجعل هدف دائم لحياتك حتى ولو لم تكن متأكدا من أنك تريده حقا ...هذا الهوس بالتمسك بشىء ما ....أن تتوحد مع هذا الهدف حتى تشعر أنك لا شىء بدونه ....حتى ولو كان هدفا عاديا يفعله الآخرون كل يوم....ولكنه الحياة بالنسبة لك ...لأنه الشىء الوحيد الذى يملأ هذا الفراغ الآن ....الشىء الوحيد الذى يوقف الصوت الآخر بداخلك.....وفى اليوم الذى تفشل فيه أو تشعر بإستحالة تحققه فهذا يعنى أنك عدت لا شىء مجددا أنك شبح خاوى من الداخل يشعر باللاجدوى.....
    

   لا أستطيع بذل أى نشاط يحتاج لاستخدام عقلى...كالقراءة أو المذاكرة أو تعلم شىء جديد عندما أترك بمفردى لفترة طويلة .....عندها يصبح التفكير عملية مرهقة جدا ...حتى محاولة الاستمتاع بمشاهدة فيلم قد تصبح وظيفة شاقة حينها ....انه عقلك يحاول جرك بعيداً الى الركن باستمرار وقد وجد فرصته أخيراً.....أستطيع أن أخمن بشكل كبير أن هذا هو السبب الرئيسى لمحاولتى التواصل مع البشر....
        بعيداً عن عدد قليل جداُ تدفعك مشاعرك دفعاُ للاهتمام بأمرهم...فإنه لو ترك الأمر لعقلك فعلاً ...فانك حقا لا تهتم ....لا تهتم على الاطلاق .....البشر من حولك هم ملهيات ...أحد أدوات ال distraction التى تستخدمها.....هذه الطاقة بداخلك يجب أن تخرج بالتواصل ليعود ذهنك صافيا مجددا لفعل الأمور التى تهتم بها حقا ....
  
      لكن كيف تتواصل مع أحدهم و أنت غيرمهتم ! حسناً, هذا لا يحدث بالطبع ....ربما لعدميتك....ربما لأنك خجول ....ربما لأن الناس حمقى فعلا و أنت لا تستطيع المجاملة .....ربما لغياب الاهتمامات المشتركة ...فبالطبع مع شخص عدمى غير مهتم تصعب ايجاد اهتمامات مشتركة ...فرصة حدوث ذلك هى صفر بالتأكيد.....وها أنا أعيش مع هذا الصفر الكبير.
من الممكن أن يكون نوع من البارانويا و لكن أشعر أن القدر أيضا يتحالف على باستمرار....بصنع الحواجز والمسافات بينك وبين الذين تهتم بأمرهم ...وهى لحظات نادرة وقليلة....لكن حتى هؤلاء لا يتركهم لك.

                                 __________________
حسناً, أكتفى بالتعبير عن بؤسى عند هذه النقطة ...فذلك يجلب شعور حقير بالشفقة....ورثاء الذات أصبح مرهقاً  على حتى هنا ، فى ملجأى السرى....لعلى لذلك توقفت لفترة طويلة...لعلى أصبحت أخجل من التعبير عن نفسى حتى هنا ...وتلك علامة خطيرة ! 


حدثت الكثير من الأشياء ....فى هذه السنة الطويلة المملة ....الجيدة أحياناً....والصعبة جداً معظم الوقت ....
- تخرجت أخيرا من كلية الطب منذ أيام قلائل ....رغم غضبى من الدراسة ومن المكان الذى تعلمت فيه ، الا أنى كنت سعيداً، وكأنك حققت شيئاً كبيراً دون أن تدرى ...جعلنى ذلك أعلق مع فكرة محبطة مع ذلك لعدة أيام....ولا أعرف هل هذا ينطبق على بمفردى أم على أشخاص آخرين....ولكنى أشعر أن معظم الأشياء الجيدة حقاً فى حياتنا نفعلها مرغمين ... ليس بالضرورة مرغمين على اختيار الشىء ...فان كل شىء نفعله فى هذه البقعة من العالم نفعله مرغمين....ولكن أعنى حتى الأشياء التى نختارها بأنفسنا لا تتحقق إلا إذا أرغمنا نفسنا على فعلها .... سواء أحببت الشىء أم لا ...سيكون عليك دائما ركل نفسك حتى النهاية.....يا لها من تعاسة ! انه كَبَد حقيقى نحن مخلوقون فيه !  

- مررت بأسبوعين فى هذه السنة هم حقاً من أصعب الأسابيع فى حياتى .... عاينت تجربة الاقتراب من الموت وكنت مريضا بشدة دون أن أدرى ما الذى أصابنى ولا كيفية علاجه.....كان ذلك فى الفترة التى ارتفعت فيها درجات الحرارة الى مراحل جنونية فى هذه السنة...وكان الناس يموتون فى المستشفيات من الحرارة والحمى الفيروسية لا أحد يدرى بالظبط....كنت بعيداً عن أهلى ...مغترباً فى مكان بعيد أحاول الدراسة لامتحان ما لا أدرى كيف سأدخله وأنا بهذه الحال....ولكى تكتمل السيمفونية توفت جدتى قبل الامتحان بأيام قليلة ولم أستطع الحضور بالطبع.....كان شيئاً محطماً الاستماع لبكاء أمك فى الهاتف دون أن تستطيع فعل أى شىء حقاً.... كان كل شىء يدفع بك الى أقصى طاقات احتمالك...كنت غاضبا من كل شىء...عاجزاً عن تخيل كيف يمكننى الاستمرار فى حياة جوهرها المعاناة المستمرة....كل ما كان يسيطر على هو أننى أريد الموت حقاً.... كل ما أفكر به هو جدتى التى لم تفعل شيئاً سيئاً فى حياتها ...كانت كتلة من التفانى...ثم كان عليها ان تواجه سلسلة طويلة من المرض والعذابات اللانهائية قبل أن تموت فى هذه الأيام صعبة التى كان يبدو و كأن أبواب الجحيم قد فتحت فجأة ...لتميد بالأرض وبمن فيها...وتغلى رؤؤسهم بشمسها وحرارتها الخانقة.....كنت أفكر ألم يكن يكفى أن تموت وحسب دون أن تمر بكل هذا.....ألا يكفى أن نموت وحسب ! شعرت أننى نجوت من الموت بأعجوبة ، الذى أتى وحدق فى مباشرة ثم تركنى وذهب دون أن يمسنى بلمسته الثقيلة الباردة......وبشكل ما حزنت لذلك !

- أخبرت صديقتى أننى أعتدت أن أحبها فى زمن ما ،وبأننى أشتاق اليها فى كل وقت ، فأخبرتنى أنها تحبنى الآن ! ...فبُهت ! قلت: حسناً، فى هذه الحالة أنا غير متأكد...وظللت وغداً غير متأكد لفترة طويلة.....وتشاجرنا وعدنا...وتشاجرنا وعدنا...ثم قلت : أننى لم أشعر بهذا المغناطيس الذى يشعر به المحبون...هذه القوة التى لا يقدر شيئاً فى الأرض على قهرها...مغناطيس ! يا للسخف ! حسناً، ولكن يجب الاعتراف أنه انجذاب روحى فى المقام الأول قبل كل شىء,,,,أنت تفكر فى الجسد ...لا، لا أفكر فيه....بل تفكر فيه...حسنا أفكر فيه أحياناً ....كلكم حيوانات....حسناً، ماذا لو أحببتك ثم خنتك بجسدى مع واحدة أخرى ، فقط بجسدى...انها مجرد نزعة حيوانية والجسد لا يجب التفكير به عند الحب......ماذا ستفعلين..حسناً أرأيت أن الجسد مهم أيضاً....حسناً، اتركنى....لا، لن أتركك، أنت صديقتى !.....وأنت حبيبى الذى لا يحبنى !.....ثم تشاجرنا وعدنا....وتشاجرنا وعدنا.....ثم ماذا ...ثم ايه !