السبت، 28 يونيو 2014

Que sera sera !

ملحوظة : كتبت هذه التدوينة ما بين 13\5 و 28\6 \2014 "كتابة بأثر رجعى !"



        الوقوف عند عتبات الزمن على مفترق طرق...التفكير الطويل فيما يجب فعله.....لحظات اتخاذ القرار.....المعاناة فى طريق طويل لن تعرف مدى صحته الا فى النهاية.....محاولة التماسك على مدى طول هذا الطريق....محاولة دفع نفسك الى أقصى طاقات احتمالك عند كل عقبة.....التفاؤل عمداً ورغماً عنك لأنك لا تملك حفاً خيار آخر ....لا تملك رفاهية الاكتئاب أو الشعور بالتعب أو اليأس...لا تملك رفاهية التوقف على الاطلاق...
القصة المكررة ....ولكنها قصتك هذه المرة ....وليست قصة شخص آخر....وذلك يبدو أصعب بكثير مما بدا عليه من بعيد ذات يوم....
                                   _______________________
عند الثانية عشر ظهراً تغنى Doris Day  بصوت عدمى شبه هامس  Que sera seraعلى خلفية من أصوات كثيفة لاطلاق القنابل المسيلة للدموع فى شارع الجامعة الضيق فى مشهد عبثى شبه اسبوعى ...بينما تجلس فى غرفتك التى تطل على المشهد من بعيد....ممداً على السرير ومحدقاً فى الفراغ....تفكر فيما ستفعل....
وتفكر فى حتمية وجود شاب آخر مثلك فى غرفة قريبة ...يجلس ممداً ومفكراً فى هذا الواقع السخيف....ولا يشغل باله سوى فكرة واحدة هى كيف يهرب من هذا الجحيم....كيف يمكنه  أن يذهب الى مكان بحيث بامكانه أن يغدو إنساناً ...أن يغدو مفيداً....أن يغدو أى شىء آخر غير تقليدية الواقع المقيتة التى تنتظره ...مضافاً اليها مجموعة جديدة من "الخوازيق" الهائلة التى لم تخطر ببال أى جيل سابق من قبل....
ومفكراً بشكل أساسى فى هذه المعضلة الحمقاء الصغيرة كأى شاب فى سنك....هذه الألف وربعمائة جنيه أو البضعة آلاف التى تعطلك عن بداية تنفيذ خطتك !! كيف تستطيع أن تتدبرها....كيف يمكن أن تملك المشاعر الكافية لتطلبها من والدك – أنت الشاب اليافع ذو الاثنين وعشرين خريفاً! – فى ظل هذه المصاريف المتلاحقة لدراستك والتى لم تنتهى بعد ....فى ظل أيام التقشف "الغبراء" التى تنتظر الجميع....فى ظل سخافة دعوات شد الحزام الحمقاء....فى ظل كل شىء وكل شخص حقير ينتظرنا....
لقد كنت تعلم  أن هذه اللحظات ستأتى فى يوم ما ...ولكن :
هل تعمل ؟.....ودراستك ؟!
هل تدرس فقط ؟ ....ولكن ماذا عن احتياجاتك المالية الزائدة عن الحد؟
هل تفعل كليهما ؟! ....ولكن ذلك يبدو انتحارا فى الوقت الحالى مع قرب الامتحانات
ولكن ذلك لا مفر منه فى العام القادم وستتزايد الضغوط عليك...
التفكير المتواصل يقيدك ....

                       _________________________________
هل تعرف ذلك الشعور بأن العالم يتجه باضطراد دائماً نحو الأسوأ .....أننا نهاية التاريخ وأننا نتجه نحو نهاية العالم....أن الإيمان بأن الأمور يمكن أن تتحسن هو من قبيل الحماقة وأن من طبائع الأمور أنها ستزداد سوءاً باستمرار حتى النهاية.... هذا الشعور وما يخلفه فيك من رغبة فى الجرى فى جميع الاتجاهات كفأر مذعور...محاولة فعل أى شىء....محاولة الاستعداد للنهاية القادمة بأى شكل .....فلا تحسن فعل شىء....أن يتم استنزافك دون أن تفعل شىء حقاً ...الخوف من أن يتم إجبارك فى النهاية على السير فى الطريق الذى رفضته منذ البداية...أن يكون ذلك قدرك...ألأ تكون قادراً على فعل أى شىء !!
                         ________________________________
مذهل هو الواقع.....ومذهل هو الانسان....
لو أن شخصاً أخذ يكلمنى لساعات عن الفقر والمشاكل الاقتصادية ما كنت لأشعر بنفس ما شعرت به من أن شخص حلمه يتوقف على ألف أو بضعة آلاف من الجنيهات بينما شخص آخر يقوم بدفع هذا المبلغ فى  زيارة للسوبر ماركت أو فى شراء احتياجاته المعتادة....فما بالك بأشخاص تتوقف أحلامهم على مئات أو عشرات من الجنيهات....
أى ابتذال هذا الذى أصبحت أغوص فيه ...التحدث كشخص فقير !!
أن يصبح المال عامل جديد ومهم فى  معادلة حياتى اليومية .....لماذا أتحدث وكأنى أكتشف للمرة الأولى أن التعاملات بين الناس تجرى بالنقود....وأن المال وسيلة مهمة وسخيفة جداً فى حياة الناس ...
ألهذا الحد كنت تعيش داخل رأسك !!
                                   _________________________-
لماذا يبدو التوقف لثانية والتفكر فى معنى الأشياء يبدو كجريمة أو اشارة على الضعف فى مجتمعنا !
لماذا يكون الرفض طفولية .....وعدم الانسحاق فشل أو ضعف أو تمرد مذموم !
هل هى رحلة تعلم أم رحلة انسحاق .....أنطمة التعليم السخيفة من جهة التى تسحقك حرفيا منذ نعومة أظافرك قبل حتى أن تكون واعياً لما يحدث لك ... والآن هذه الرحلة اللاهثة بحثا عن المال التى عليك أن تبدأها والتى تسحقك دون أن تدرى و أنت تلهث ظنا أن ذلك سوف يجعلك فى وضع أفضل  أو بسبب حاجتك الماسة فى رحلتك التعليمية الصعبة....
كيف تتعلم دون أن تنسحق....بل كيف تعيش دون أن تنسحق فى هذا البلد أو فى أى مكان ؟!
هل هو تعب من أجل أشياء نرفضها فقط لنعيش....أم هو تعب من أجل مبادئنا و أحلامنا ....أين هى الحدود الفاصلة ...أين تبدأ الحقيقة وأين تنتهى....هل الاول ممكن بشكل مؤقت ....هل الثانى ممكن أصلا !!!
لا أريد أن أكون منسحقا كجيل الآباء الذى تعذب كثيراً .......
كيف ؟!!!
                          __________________________
أنت قوى ولا تحتاج لأحد .....ولا شىء يستطيع أن يحبطك أو يضايقك ....
استمر فى إخبار نفسك بذلك حتى تنهار !
ثم كرر الكرَّة من جديد .... باستمرار!
حذائك الممزق الذى اشتريته منذ ثلاثة شهور فقط وأنت مجبر الآن للسير به ولا تستطيع تغييره لمدة قد تطول....
تليفونك الذى تحول الى قطعة من الخردة ولا تستطيع أن تصلحه لأنك لا تملك المال فاقداً وسيلة اتصالك مع العالم الخارجى.....
ملابسك القذرة التى لا تستطيع غسلها.....لعدم قدرتك على العودة لمنزلك
محاولتك الاقتصاد فى المال....وتدبر شؤونك اليومية والاقتطاع من هنا وهناك....محاولة عدم الوقوع فريسة لاحباط  النفقات المفاجئة ...تحمل صديقك المتأخر فى دفع المال المستحق عليه...وتحمل حماقاته اليومية أيضاً...
هذه الهموم الصباحية الساذجة ، هذه الاشياء اليومية التافهة هى قمة جبل الجليد لأشياء أكبر وأكبر توفر لها قوتك....كضغوط الدراسة ومستقبلك الوظيفى المبهم....تفكيرك فى العمل بجانب الدراسة ....تفكيرك فى السفر وتجهيزاته الضخمة  وطريقه الطويل  الصعب وتكاليفه....
كل ذلك لم يعد ينال منك بعد ممارسة وتدريب طويل....انما ما ينال منك يا صديقى هو شىء يأكلك من الداخل...شىء يضعف مناعتك....كمريض الايدز الذى يمكن أن يقتله فيروس البرد العادى ....فما بالك بكل هذا....
انما مرضك هو الاشتياق والسأم...
هو ذلك الضيق الذى يتراكم يوماً بعد يوم وتحاول كبحه لتستطيع النوم...
الاشتياق لأهلك ....نقطة الارتكاز الوحيدة لك فى هذا الكون ...التى سترغب دائماً فى العودة لها كلما ضاق بك الحال...هذا ما تعلمه لك الغربة فى 5 سنين...
الاشتياق لها !!! أنت لا تعلم من هى ....لكنك تكتشف أنك تركب هذه المشاعر على أى فتاة تنجذب لها ولو قليلاً بسهولة...انه شىء يشبه حاجة آدم إلى حواء "وهو فى الجنة ! " .....فما بالك بهذا الجحيم الأرضى...
انها الحاجة الماسة للاحتضان....الحاجة الماسة للبكاء...
أن تأتيها قائلاً أنا متعب للغاية ....فتحتضنك دون كلام !!
انه شعور جارف لا تفهمه....وتوفر جزء كبير من قوتك لكبحه باستمرار....لأنك لا تستطيع الحصول عليه الآن بأى شكل من الأشكال !
لابد أن توفر جزء أيضاً من قوتك لكبح خيباتك اليومية الصغيرة وتساؤلاتك الغير مفهومة....أصدقاء خذلوك....أو اصدقاء خذلتهم ! .....أقارب تخلوا عنك....أوآخرين ظنوا أنك تخليت عنهم.....أشياء تافهة أخرى مثل " لقد مرت بجانبى اليوم ولم تعرنى اهتماماً " ..أو " ترى فى ماذا تفكر " ..أو " هل يجب أن أكلمها أم لا يجب أن أبدأ هذا الطريق من جديد " ..." هل هذا لائق أن أسأل عن أحوالها  أو أهنئها بشىء ، أم قد يفسر ذلك تفسيرات اخرى " ....
كل هذا الهراء الذى لا تفهم لماذا تفعله وقد قررت كبح مشاعرك حتى لا تجرح نفسك أو تجرح شخص آخر من جديد...أو أن ما تريده لا يمكن توفيره فى الوقت الحالى ...ولست مستعداً بعد لشىء جاد....لكن عقلك يستمر فى الدوران والدوران مخلفاً تلك الخيبات اليومية الصعيرة الحمقاء.
جزء آخر من قوتك محجوز لكبح السأم ....السأم من السياسة....والسأم من الدين...والسأم من الحياة والعالم بشكل عام...
لا أعرف ولكنى أشعر حقاً أننى أسير بخطوات حثيثة نحو الانسحاق دون أن أدرى !
تستمر فى اخبار نفسك أنك قوى ....وتحاول عيش الحياة بهذا التفاؤل المتعمد
تستمر فى اخبار نفسك أنك قوى...حتى تنهار
ثم تكرر الدورة من جديد!
                           _________________________
لماذا انقطع الخط فى هذا اليوم.....
ولماذا لم تعاود الاتصال....
كنت أريد أن أحكى الكثير يا أمى !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق